جريدة ميدان التحرير - [متابعة] - 20 يناير 2017 الساعة 1:15 مساءً

قالت دار الإفتاء المصرية، إن الشريعة الإسلامية شريعة متكاملة وجاءت لسعادة الدارين، وشرع الله تعاليم الإسلام وأحكامه وآدابه لينظم للإنسان كل شئون حياته -من العبادة، والمأكل والمشرب والملبس، ومواكبة الحضارة، والتعلم والتعليم-، ويرتقي بسلوك الفرد والمجتمع في ذلك كله؛ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ اللهَ بَعَثَنِي بِتَمَامِ مكارمِ الْأَخْلَاقِ، وكَمَالِ مَحَاسِنِ الْأَفْعَالِ» أخرجه الطبراني في "الأوسط".

وأضافت الإفتاء في إجابتها عن سؤال «ما حكم النفخ في الطعام؟»، أنه من السلوكيات التي نهت الشريعة عنها النفخ في الطعام والشراب؛ فقد جاء في "مسند أحمد" عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ عَنِ النَّفْخِ فِي الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ».

وأوضحت أن المقصود من هذا النهي: الإرشاد إلى ترك النفخ في الطعام والشراب مخافة أن يقع فيه شيء من ريقه فيتقذر الآكل منه، وقد تقرر في الإسلام أنه "لا ضرر ولا ضرار"، وليس علة النهي نجاسة لعاب الآدمي؛ إذ من المقرر شرعًا أن لعاب الآدمي طاهر.

وتابعت: وجاء في "شرح صحيح البخاري" لابن بطال (1/ 291): [قال المهلب: ففي أحاديث هذا الباب دليل على أن لعاب أحد من البشر ليس بنجس ولا بقية شربه، وذلك يدل أن نهيه صلى الله عليه وآله وسلم عن النفخ في الطعام والشراب ليس على سبيل أن ما تطاير فيه من اللعاب ينجسه، وإنما هو خشية أن يتقذره الآكل منه، فأمر بالتأديب في ذلك].

واستطردت: وفي "فتح الباري" لابن حجر (10/ 94): [قَالَ الْمُهَلَّبُ: النَّهْيُ عَنِ التَّنَفُّسِ فِي الشُّرْبِ كَالنَّهْيِ عَنْ النَّفْخِ فِي الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ قَدْ يَقَعُ فِيهِ شَيْءٌ مِنَ الرِّيقِ فَيَعَافُهُ الشَّارِبُ وَيَتَقَذَّرُهُ، إِذْ كَانَ التَّقَذُّرُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ عَادَةً غَالِبَةً عَلَى طِبَاعِ أَكْثَرِ النَّاسِ، وَمَحَلُّ هَذَا إِذَا أَكَلَ وَشَرِبَ مَعَ غَيْرِهِ، وَأَمَّا لَوْ أَكَلَ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ أَهْلِهِ أَوْ مَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَتَقَذَّرُ شَيْئًا مِمَّا يَتَنَاوَلُهُ فَلَا بَأْسَ].

وأشارت إلى أن الحنفية ذهبوا إلى عدم كراهة النفخ في الطعام إلا إذا كان له صوت مثل "أف"، وهو تفسير النهي عندهم؛ جاء في "الفتاوى الهندية" (5/ 337): [فِي "النَّوَادِرِ" قَالَ فَضْلُ بْنُ غَانِمٍ: سَأَلْتُ أَبَا يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى عَنِ النَّفْخِ فِي الطَّعَامِ هَلْ يُكْرَهُ؟ قَالَ: لَا إلَّا مَا لَهُ صَوْتٌ مِثْلُ " أُفٍّ "، وَهُوَ تَفْسِيرُ النَّهْي].

واستكملت: وذهب المالكية إلى أنه لا بأس بالنفخ في الطعام إذا كان الآكل أو الشارب منفردًا؛ جاء في "الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني" (2/ 319): [(وَيُنْهَى) لِلْآكِلِ وَالشَّارِبِ عَلَى جِهَةِ الْكَرَاهَةِ (عَنِ النَّفْخِ فِي الطَّعَامِ، وَ) عَنِ النَّفْخِ فِي (الشَّرَابِ)؛ خَوْفَ إصَابَةِ رِيقِهِ لِلْبَاقِي، وَاخْتُلِفَ فِي عِلَّةِ النَّهْيِ؛ فَقِيلَ: لِإِهَانَةِ الطَّعَامِ، وَعَلَيْهِ: فَيُكْرَهُ النَّفْخُ فِيهِ وَإِنْ أَكَلَ وَحْدَهُ، وَقِيلَ: لِئَلَّا يُصِيبَ رِيقُهُ الْبَاقِيَ فَيُؤْذِيَ غَيْرَهُ، وَعَلَيْهِ: فَمَحِلُّ النَّهْيِ إذَا كَانَ مَعَهُ غَيْرُهُ].

وعرضت رأي الحنابلة الذي ذهبوا عدم كراهة النفخ في الطعام إذا كان حارًّا وكانت هناك حاجة إليه قبل أن يبرد؛ جاء في "الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف" للمرداوي (8/ 328): [وَقَالَ الْآمِدِيُّ: لَا يُكْرَهُ النَّفْخُ فِي الطَّعَامِ إذَا كَانَ حَارًّا. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ إنْ كَانَ ثَمَّ حَاجَةٌ إلَى الْأَكْلِ حِينَئِذٍ، وَيُكْرَهُ أَكْلُ الطَّعَامِ الْحَارِّ؛ قُلْت: عِنْدَ عَدَمِ الْحَاجَةِ].